الكلمة الافتتاحية لرئيس المجلس السيد محمد العربي المجبود
5، 6، 13و19 ذو الحجة 1410 هـ (29، 28 يونيو، 6 و 12 يوليوز 1990 م)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أصحاب المعالي
سيدي الأمين العام
حضرات السادة
تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك المعظم الحسن الثاني نصره الله يشرفني أن أفتح هذه الجلسة الأولى للمجلس الاستشاري لحقوق الانسان، وإنها لمناسبة رائدة الأبراك لهذا الجمع الموقر الثقة الغالية التي وضعها فيه سيد البلاد بانتقائه لهذه النخبة الخيرة من خدامه أعضاء هذا المجلس الذي يحظي بشرف العمل بجانب الجلالة الشريفة وتحت إمرة مولانا أعزه الله، أننا جميعا إيمان مطلق بالمؤسسات الدستورية والديموقراطية أي أننا جميعا وطنية صادقة، وغيرة نموذجية على سمعة البلاد، وشجاعة مسؤولة لصالح المكتسبات والحريات.
وأكرم بها من فرصة ذهبية لأرفع إلى السدة العالية بالله أصالة ونيابة نجديد الإخلاص والولاء وتقديم فروض الطاعة والوفاء وأسمى مشاعر العرفان والامتنان على الثقة المولوية السامية التي أتحف بها خادم الأعتاب الشريفة المهاهدون الله على السعي الحثيث والمسؤول لتحقيق ما خططه – حفظه الله – من مسارات وما رسمه من طموحات.
حضرات السادة،
لعل من نافلة القول أن نثير الإنتباه إلى أن تأسيس هذا المجلس لبنة تضاف إلى لبنات وضعها أبو النهضة المغربية جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه صيانة للكرامة ودفاعا عن السيادة وتحريرا للارض والإنسان.
فلقد أمر فور رجوعه رضوان الله عليه بمعية وارث سره جلالة الملك الحسن الثاني نصره الله من منفاه السحيق بالعمل على تحقيق فصل السلط واستقلال القضاء. ووضع خاتمة الشريف على ظهير الحريات العامة حماية لللإنسان في حريته وكرامته وعرضه وماله وحياته، وعندما وضع صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني الدستور وعرضه على الاستفتاء. ثبت باليقين والبرهان أنها خطوة رائدة أخرى نحو دولة القانون بما أشتمل عليه من نصوص ترعى حقوق الإنسان وضمانات نجعل منها مكسبا واقعيا يتناسب وما أراد له جلالته أن يكون : موفور الكرامة، محفوظ الحقوق، آمن الجانب من التعديات والتعسفات والتجاوزات والخروقات.
والآن وفي سياق السعي الدؤوب لاستكمال دولة القانون أبي مولانا الإمام إلا ينشئ هذا المجلس كهيئة استشارية يضم بين أحضانه رجالات من أسمى وجهاء الدولة وشخصيات بارزة تتمتع بكفاءة خاصة في مجال حقوق الإنسان كما تتمثل فيه الأحزاب السياسية والنقابات والهيئة الوطنية للأطباء ورابطة القضاة والمجالس العلمية والتعليم الجامعي والهيئات التي تعني بحقوق الإنسان وجمعيات هيئات المحامين.
أننا نعلم جيدا المساعي المتوالية التي بذلها جلالته لتحقيق وتوسيع نطاق حقوق الإنسان في المملكة وتعميمها إلى أبعد الآفاق إيمانا من جلالته حفظه الله بأنها تنسجم مع مبادئ الإسلام وتقاليدنا العريقة والقيم التي ضمنها المجتمع الدولي في العديد من الإعلانات والمواثيق.
وسعيا إلى تلافي كل تقصير في هذا المجال أضرارا برعايا جلالته الأوفياء وبكل إنسان يوجد على ترابنا الوطني أسند إلينا جلالته المحروس بالله هذه المهمة السامية التي إذ نقدر مالها من مسؤولية ثقيلة وجسامة بالغة نفتخر في نفس الوقت وأي افتخار بالمقام الرفيع الذي تبوؤنا إياه بعملنا بجانب مولانا الملك كان النصر له دوما حليفا.
حضرات السادة،
إن الخطاب السامي الرائع الذي أعلن فيه جلالته عن تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان مساء يوم الثلاثاء 8 ماي والذي تتبعه المغاربة قاطبة بتأثر بالغ وبوافر الإعجاب درس أخلاقي يمتاز بالشمولية والتبصر لصالح حقوق المواطن إزاء الإدارة والسلطة والدولة ويحذر من مغبة التصور السطحي لهذه الحقوق من الافتراء لإقحام الزندقة والتخريب. ولقد نجلت من الخطاب المولوي مرة أخرى بتألق فائق حكمة ملكنا الشهم الهمام وغيرته على بلده ورغبته الملحة في ظهور المغرب في حلة قشيبة ووجه وضاح لامع.
إن صاحب الجلالة الذي تلقى من والده العظيم جلالة محمد الخامس رضي الله عنه أشرف المبادئ وأنبلها وتربي في كنف التقاليد المغربية الأصيلة المفعمة بتعاليم الإسلام الحنيف واستكمل تكوينه الخلقي والديني بحصوله على ثقافة قانونية وأدبية عصرية كان دائما مهتما أقصى الاهتمام بحقوق الإنسان.
وما قراره أيده الله بإنشاء هذا المجلس إلا دليل قاطع على هذا الاهتمام سعيا إلى أن يبقى المواطن المغربي في بلده معززا مكرما وأن يحضى بجميع الضمانات الكفيلة بصيانة حريته وصحته وكرامته.
إن مجلسنا وهو يشرع على بركة الله في حمل الأمانة يضع نصب أعينه ذلك الخطاب التاريخي متتبعا بكل حرص ودقة ما احتوى عليه من التوجيهات السامية والآراء السديدة فهو مرشده في الحال والمآل، ينير له السبيل ويقيه العثرات.
فأنتم محصنون بسداد الرأي وعمق الضمير وبعد النظر والإيمان الراسخ بقيم الحضارة والإبداع.
وإننا إذ نفخر ونعتبر بهذه الالتقائية المولوية الغالية وهذه المبادرة الكريمة لمصممو العزم على أن نكون في مستوى هذا التشريف الملكي وأن يكون بحول الله العمل الذي سنقدمه لجلالته عملا نزيها جديرا بأن ينال رضاه.
فالثقة غالية والأمانة خطيرة والمسؤولية تاريخية. إنها أوسمة تطوق الأعناق عرفانا وقوة تزيد الهم عنفوانا.
كتب الله لأعمالنا التوفيق والنجاح وألهمنا السداد والفلاح وأعاننا على تحمل الرسالة بصدق وأمانة وكلل جهود المجلس لما فيه الصالح العام وجعلنا دوما عند حسن ظن مولانا الإمام. والله جل جلاله نسأل العون لبلوغ الهدف وتحقيق الرجاء والأمل.
والسلام عليكم ورحمة الله.
رئيس المجلس
محمد العربي المجبود